Pages

Subscribe:

Ads 468x60px

lundi 13 février 2012

سعاد عبد الرحيم وبشرى بلحاج حميدة وجها لوجه

تبنى الفكر الإصلاحي التونسي قضية المرأة منذ عقود ودافع عن حقوقها بضراوة ورغم الهجمات الشرسة التي أرادت النيل من حقوقها فإن إرادة «الانعتاق» لدى النساء والمصلحين كانت أقوى،

وتوّجت بمجلة الأحوال الشخصية التي رافقت ظهورها إرادة سياسية لم «تقزّم» دور المرأة بل دعمته.. اليوم نجد المرأة من جديد في مفترق توظيف وتجاذبات سياسية.. جملة من الأسئلة والشكوك بدأت تحوم حول مكتسباتها، وتوجّس من رجّات ارتدادية تجعلنا نتقهقر ولا نتقدّم ونحن بصدد تشكيل منظومة تشريعية جديدة ستقود البلاد لعقود قادمة..

ورغم ريادتها في عدة مجالات فإننا نعتبر وجودها في الحقل السياسي غير كاف ويحتاج لمراجعة فرغم شعار التناصف الذي رفع في الانتخابات فإن نسبة المشاركة الفعلية في القرار السياسي تبدو محتشمة ولا ترتقي إلى نضالها التاريخي.. في هذه المساحة الأسبوعية توجهنا بجملة من الأسئلة التي تبحث عن إجابات لها علاقة بالقرار السياسي وبمجريات الأحداث، إلى سعاد عبد الرحيم عضو المجلس التأسيسي وبشرى بلحاج حميدة الناشطة السياسية..

السؤال الأول

رئيس الجمهورية المرزوقي يؤكّد في تصريح لـ»بي بي سي» صدر في الأيام القليلة الماضية، أنه اليوم «نتحدّث في تونس عن إعطاء المرأة الحقوق المادية والمعنوية والسياسية وإخوتنا في النهضة ملتزمون بذلك..». فهل أصبح مصير المرأة التونسية بيد حركة النهضة فقط؟

سعاد عبد الرحيم

مصير المرأة في يدها وفي يد الرجل التونسي وليس مرتبطا بتيار سياسي معين أو حكرا على حزب دون آخر أو بزعيم سياسي معين.. فمكتسبات المرأة الحضارية وحرياتها أعمق بكثير من أن تكون بيد فئة معينة أقلية كانت أو أغلبية.

وحركة النهضة أكدت مرارا وتكرارا أنها مع الحقوق المادية والمعنوية للمرأة التونسية ولا تراجع عن ذلك..

وفي هذا السياق أدعم الاعتصامات والمسيرات التي قامت بها العديد من النساء والتي أرادت من خلالها أن تنبه ممثلي الشعب والسلطة الى ضرورة المحافظة على مكتسباتها. وأنا كامرأة في المجلس التأسيسي سيأحرص على ضمان هذه المكتسبات بعيدا عن كل ايديولوجيا دون انحياز إلاّ لما يحكّمه عقلي وضميري.

بشرى بلحاج حميدة

شخصيا لا أتصور ذلك فالدستور ملك كل التونسيين والتونسيات الذين صوتوا والذين لم يصوتوا، الذين نجحوا والذين خسروا الانتخابات. فالدستور هو مرجع لكل مواطن ومواطنة في بلدنا بقطع النظر عن النتائج الانتخابية.

وأن نجاح بناء وتأسيس دولة ديمقراطية يمرّ حتما بتجاوز المصالح والحسابات الحزبية الضيقة. وقد يسعى كل حزب يتصور نفسه الأكثر شرعية إلى فرض مشروعه لكن سيكون الدستور توافقيا لأن أغلبية الأحزاب الموجودة في المجلس التأسيسي وحتى بعض نواب النهضة سيسعون إلى تجنب المأزق وترفض النائبات على اختلاف انتماءاتهن أيّ تراجع على حقوق النساء. كما أن المجتمع المدني سيكون له دور في هذا المجال ويقدم اقتراحات وسيسعى إلى التأثير على محتوى الدستور حتى تضمن مكتسبات الشعب التونسي وتبنى دولة الحقوق والمؤسسات على أسس متينة.

السؤال الثاني

ما مدى صحة القول الذي يعتبر أن الشريعة كمصدر للتشريع في مجال الأسرة «سينسف» كل مكاسب المرأة؟

سعاد عبد الرحيم

أنا لا أعتقد أن هناك تعارضا بين الشريعة وحقوق المرأة وكلنا نعلم أن من تبنّى مجلة الأحوال الشخصية ودافع عنها هو اجتهاد لخيرة علمائنا في مجال الفقه والشريعة.. وبالتالي لا معنى لقول أن الشريعة «ستنسف» مكساب المرأة فهذه الصياغة التعميمية قد توقع المواطن في الخطإ والمغالطة.

نحن نريد أن نرسي دولة مدنية تعتمد على المؤسسات وفي جوهرها قد تستلهم كما هو الشأن في مجلة الأحوال الشخصية من الشريعة الاسلامية دون أن يكون هناك تطابق محرّف في هذا المجال..

وعموما سيطرح كل قانون منظّم لحقوق وواجبات المرأة والأسرة في نقاش مفتوح داخل المجلس التأسيسي وسيدلي كلّ برأيه بكل حرية وشفافية وتحت مراقبة المجتمع المدني .

بشرى بلحاج حميدة

إذا هذا هو التعريف فالواقع يؤكد أنه ليس هناك أيّ إجماع وأن الخلافات عبر السنين لم تحسم بل بالعكس تنامت فمنذ نزول القرآن ظهرت العديد من التفاسير وتنوّعت المذاهب الفقهية.

فعلى أيّة شريعة نتحدث؟ تلك التي يدافع عنها أمثال هشام جعيط وقاسم أمين والطاهر الحداد وعلي عبد الرازق وعبد الرحمان الكواكبي وأحمد بن أبي الضياف، أم هؤلاء الذين شوهوا صورة المرأة التونسية وأباحوا اغتصاب الطفلة المراهقة باسم الزواج وسكتوا على أشنع الجرائم ضد الإنسانية هؤلاء الذين يعتبرون الديمقراطية كفرا أو ينظّرون لقتل ولذبح النخبة باسم الشريعة ومقابل بعض الأموال الوسخة؟؟

فهذا النقاش هو محاولة أخرى لتلهية التونسيين والتونسيات عن مطالبهم الشرعية والابتعاد بهم عن حقوقهم الأساسية الإنسانية التي يوجد حولها إجماع كالحق في حياة كريمة وفي العمل والتعبير والحرمة الجسدية والمعنوية والأمن وحفظ الملك.

السؤال الثالث

الزواج العرفي مرفوض قانونا، ومحمود من بعض الفقهاء، ولقد عرف طريقه إلى الجامعة.. فهل يعتبر انتهاكا لحق المرأة أم حل لعنوسة بدأت تضرب أطنابها في المجتمع؟

سعاد عبد الرحيم

الزواج وبعيدا عن كل الاعتبارات الفقهية -التي ليست من اختصاصي- فإنني أرفض قطعيا الزواج العرفي لما فيه من انتهاك لقيمة المرأة الانسانية ولمكتسابتها الكونية فضلا عن حقوقها.

فالعنوسة هي بالتأكيد مشكلة اجتماعية لكن لا يمكن البحث عن حل لها يخلق مشكلا اكبر.

وأنا أدعو كل النسيج الاجتماعي لايجاد أسباب تأخر سن الزواج والعنوسة بعيدا عن الحلول الساذجة.

والزواج العرفي يبقى زواجا على خلاف الصيغ القانونية وبالتالي جنحة يحرّمها القانون.. كما أن فيه انتهاكا لحقوق العائلة والطفل والتي ندينها بشدة.. بحيث أن كل حقوق المرأة تنتفي بهذا العقد

بشرى بلحاج حميدة

أرفض عبارة عنوسة لما تتضمنه من مسّ من كرامة العازبات والتي ليس لها مرادف بالنسبة للذكور. ثانيا الزواج العرفي وتعدد الزوجات هما جريمتان يعاقب عليهما القانون ولأن العلاقة الزوجية هي علاقة محبة ومودة وليست علاقة تجارية فهذا المنع مكسب تحقق في بلادنا منذ أكثر من نصف قرن ومازالت المجتمعات العربية تناضل من أجل تحقيقه.

ثالثا ظاهرة الزواج العرفي ليست حكرا على الجامعة بل هي حيلة وجدها البعض لتبرير العلاقات الجنسية خارج الزواج. وإذا نريد اليوم بناء مجتمع سليم بعيدا عن المزايدات السياسية والخطاب الشعبوي فلا بد أن نتناول هذه المسائل بكل حرية وهدوء وفي إطاره العلمي. فالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج هو واقع تشترك فيه كل الحضارات والشعوب بما في ذلك التي تبيح تعدد الزوجات وتعدد أنواع الزيجات.

فلا يحق لأيّ كان الاستخفاف بمثل هذه المسائل الهامة لا طرحها بطريقة سطحية أو توظيفها للمصالح السياسية أو تحويلها إلى المواضيع إثارة.

فالمطلوب هو فتح نقاشات معمقة يشارك فيها كل المختصين في علم النفس والاجتماع والقانون والإعلام حول المشاكل المتعلقة بالطفولة ومشاكل المراهقة (كالانتحار) ودور الأسرة ومشاكلها وتحدياتها.

السؤال الرابع

اِمرأة الحدّاد رائدة الحداثة النسوية أعلن عليها الشيخ محمد صالح بن مراد الحِـداد، لم تحمها يد بورقيبة ولم تحصّنها على ما يبدو مجلة الأحوال الشخصية وأصبحت محل توظيف وتجاذبات فمن سيعلن عليها الحِـداد من جديد؟

سعاد عبد الرحيم

صحيح أن قضية المرأة كانت محل تجاذبات سياسية وتوظيفا ايديولوجيا كبيرا.. حتى أني كنت أدافع على حق المرأة اعتمادا على حق المواطنة حتى لا نقع في تفرقة أو تجزئة للحقوق كما دعوت في حملتي الانتخابية الى ضرورة تركيز وزارة الأسرة وليست وزارة المرأة لان ذلك فيه استنقاص لقيمتها.

فالتراجع على هذه المكاسب خط أحمر لا يمكن لأحد تجاوزه.. فالمرأة التونسية شامخة وواعية ومناضلة عبر التاريخ ومتحضرة فلا يمكن لأحد في هذا الوقت أن يعود بنا الى الوراء فعجلة التاريخ لها اتجاه واحد.. ووجود المرأة بنسبة محترمة ضمان هام للحفاظ على هذه المكاسب وتطويرها

بشرى بلحاج حميدة

أولا إحقاقا للحق بورقيبة هو من مؤسسي الدولة التونسية الحديثة القائمة على احترام حقوق النساء كنصف المجتمع ولكن أبوية النظام البورقيبي وتوظيف حقوق النساء من قبل النظام السابق واستبداد حال دون استبطان المجتمع لشرعية وإنسانية حقوق النساء ولهذا ظهرت الحركة النسوية المستقلة عن السلطة في تونس آخر السبعينيات ساعية إلى إخراج قضية النساء من سيطرة النظام ووضع حدّ لتوظيفها لفائدة المصالح السياسية.

فالتوظيف السياسي للنساء واستعمال أجسادهن في الخلافات والنزاعات خاصة أيام الأزمات والحروب والتحولات هو أحسن سلاح للتصدي لكل تحوّل حقيقي وعميق نحو مجتمع عادل لا يفرق بين أيّ فرد من أفراده بأية تعلة وهو ما يتعارض مع المشاريع الاقتصادية والسياسية للأقلية الحاكمة أينما كانت في الداخل أو في الخارج.

السؤال الخامس

أيّهما يهدّد مكاسب المرأة أكثر السلفية التي تلفّها بالنقاب وتكرّس دونيتها من خلال «هذيان ديني» بعيدا عن جوهر الإسلام، أم قيم الحداثة التي ستجتثها من بيئتها العربية الإسلامية؟

سعاد عبد الرحيم

أنا أدافع على امرأة وسطية، معتدلة وبالتالي لا أتهمها بالهذيان إذا ما ارتدت النقاب ولا كذلك بالانبتات من الجذور العربية الاسلامية.

ولذلك مع الوسطية والاعتدال لا خوف على مكاسب المرأة مع دعمنا لكل الحريات ولا يمكن التفرقة بين أبناء المجتمع الواحد على أساس الشكل أو المعتقدات مع إحترامي لكل الآراء لكن من يطرح مثل هذه الأسئلة والتي اعتبرت في صيغة السؤال حكما قيميا مبطنا جوهره أن المرأة السلفية التي تلبس النقاب قيمتها دونية ولا أن غير المحجبة مقتلعة من جذورها.

وأدعو هنا كل التونسيين الى أن يقبل كل منّا الآخر فإن اختلفنا في التنظير فإننا نشترك في الهوية ومبادئ الحداثة وبالأساس في حب هذه البلاد والتي نتمنى أن يبنيها أبناءها بمختلف انتماءاتهم وآرائهم وأفكارهم.

والذي يبدو متناقظا قد يشكل إثراء للمشهد الفكري والسياسي والايديولوجي لكن يجب أن يقبل كل واحد منا الآخر وأركز على التعايش السلمي.

بشرى بلحاج حميدة

الذي يهدد النساء والرجال والكهول والشباب هو الاستبداد بالفكر الواحد والرأي الواحد وإمكانية رجوع الحزب الواحد.

وما يهدد تونس هو عدم إعلان الحكومة عن برنامج يقطع مع القهر والفقر والتهميش والمحسوبية والفساد يلتف حوله كل التونسيين والتونسيات.

المصدر : الصباح

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire